زيارة الأمير ترسم الطريق إلى الأمام في العلاقات الكويتية التركية
قام أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح بزيارة مهمة إلى تركيا هذا الأسبوع، حيث التقى الرئيس رجب طيب أردوغان. أربعة جوانب أبرزت أهمية الزيارة. أولاً، كانت هذه أول زيارة يقوم بها الأمير إلى تركيا منذ توليه منصبه في ديسمبر/كانون الأول. ثانياً، كانت زيارته الأولى لدولة غير عربية ضمن جولته الإقليمية. ثالثا، كانت أول زيارة لرئيس دولة بين البلدين منذ عام 2020. وأخيرا، تزامنت مع الذكرى الستين لإطلاق العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
يمكن أن يختلف الغرض من الزيارات الرسمية التي يقوم بها القادة بشكل كبير. وإذا كان الهدف العام هو تعزيز وتقوية العلاقات الثنائية، مع التركيز على القضايا السياسية والثقافية، فإن البعد الاقتصادي غالباً ما يصبح الموضوع الرئيسي للمناقشات بين القادة ووفودهم. ونظراً لغياب الاختلافات الإقليمية والسياسية الكبيرة بين صناع السياسات الأتراك والكويتيين، فإن تحسين الأعمال والتجارة يبرز باعتباره مجال التركيز الأكثر أهمية. ولذلك، فإن مذكرة التفاهم الموقعة بين البلدين خلال هذه الزيارة ركزت بشكل خاص على سبل تعزيز التعاون في مجال التجارة والاستثمار، خاصة في مجال المناطق الحرة.
وباعتباري مراقبا للعلاقات التركية الخليجية، أستطيع القول إن العلاقات الاقتصادية بين تركيا والكويت ظلت متواضعة نسبيا، بعد أن فشلت في الوصول إلى إمكاناتها، مقارنة بعلاقات تركيا الاقتصادية مع دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى.
وليس من المستغرب أن الاعتبارات الاقتصادية كانت العامل الرئيسي في تشكيل العصر الجديد لعلاقات تركيا مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، والتي هي بطبيعتها متعددة الأوجه. ومن المؤكد أن هناك رغبة لدى الجانبين التركي والكويتي لتحسين هذا الجانب من العلاقات بينهما. ومع ذلك، فإن هذا لا يعتمد فقط على الوضع الاقتصادي أو التزامات الدولتين، ولكن أيضًا على ضرورة توفير أرضية مشجعة للقطاع الخاص.
ومن المؤكد أن هناك رغبة لدى الجانبين التركي والكويتي في تحسين الجانب الاقتصادي في علاقاتهما.
سينم جنكيز
ويجب على تركيا والكويت تنفيذ خطة قوية لزيادة التجارة الثنائية، خاصة فيما يتعلق بالاستثمارات المتبادلة في مختلف القطاعات. وفي ظل البيئة الاقتصادية الحالية غير المؤكدة، فإن الخطوات الملموسة التي يتخذها المستثمرون الأتراك والكويتيون تعتبر حاسمة لنجاح علاقاتهم الودية بالفعل على المدى الطويل. وفي هذا الصدد، من المهم فهم توقعات ومتطلبات كلا الطرفين من أجل المنفعة المتبادلة وطريق واضح للنمو.
ومن العناصر المهمة الأخرى في الاتفاقيات الموقعة إقامة حوار استراتيجي مشترك، ليكون بمثابة منصة حاسمة للتنسيق بين مؤسسات السياسة الخارجية في البلدين. وهذا يمثل خطوة إلى الأمام في إضفاء الطابع المؤسسي على علاقاتهم السياسية. تجدر الإشارة إلى أن الدولتين تحافظان على مواقف ثابتة تجاه القضايا الإقليمية، وخاصة القضية الفلسطينية التي تشغل جدول أعمالهما حاليا.
ونظراً لنهجها الخاص تجاه القضية الإسرائيلية الفلسطينية، فقد دعمت الكويت دائماً مبادرات تركيا على هذه الجبهة، مما يدل على نهجهما المشترك. ولذلك، جاءت زيارة الشيخ مشعل في وقت مهم، ومن المرجح أن توفر لزعيم الكويت الجديد فرصة للمناقشة مع نظيره التركي حول كيفية إنهاء الحرب المستمرة في غزة.
ونظراً لتصاعد التوترات في الشرق الأوسط، تميل الكويت إلى التعاون مع الجهات الفاعلة الإقليمية في القضايا المتعلقة بالأمن. إن الضغوط النظامية الناجمة عن العدوان الإسرائيلي، والسياسات الغامضة للولايات المتحدة، والاستراتيجيات التوسعية لإيران، تجبر صناع القرار في الكويت على البحث عن شركاء قادرين على تلبية المتطلبات الأمنية للبلاد. فقد تبنت الكويت، الدولة التي عانت بشدة من الغزو العراقي في الفترة 1990-1991، خطاً للسياسة الخارجية تأثر إلى حد كبير بتصورها للتهديد الناشئ عن الأزمات الإقليمية. وفي هذا السياق، كان قرار الكويت شراء طائرات مسيرة تركية من طراز Bayraktar TB2 العام الماضي مقابل 367 مليون دولار أمراً مهماً.
وخلال زيارة الشيخ مشعل، اتفق الجانبان أيضًا على التعاون الدفاعي من خلال تنفيذ بروتوكول بشأن المشتريات الدفاعية. وكان هناك تعاون مستمر بين القوات المسلحة التركية والكويتية منذ سنوات. وفي كل عام، يجتمع مندوبون من الجيشين لعقد اجتماعات حوار عسكري والمشاركة في الأنشطة التعاونية التي تهدف إلى تعزيز القدرات الأمنية للبلدين.
ونظراً لتصاعد التوترات في الشرق الأوسط، تميل الكويت إلى التعاون مع الجهات الفاعلة الإقليمية في القضايا المتعلقة بالأمن.
سينم جنكيز
وتشكل الكويت ركيزة أساسية لاستراتيجية تركيا في مجلس التعاون الخليجي. لقد شهدت العلاقات بين أنقرة ودول مجلس التعاون الخليجي تحولاً كبيراً منذ التوقيع على إعلان العلا في عام 2021. ويدرك صناع السياسة الأتراك الآن أن كل دولة خليجية لديها تصورات ورؤى مختلفة للتهديدات. وقد أدى هذا الفهم إلى تطوير برامج تعاون منفصلة مع كل دولة خليجية. وتحتل الكويت مكانة مهمة بشكل خاص في اعتبارات صناع السياسة الأتراك، نظرا لدورها البناء كجسر خلال فترات التوتر بين تركيا ودول مجلس التعاون الخليجي.
والآن يتعين على الجانبين أن يبنيا على هذا التاريخ الإيجابي وأن يعملا على تحسين مجالات أخرى، مثل العلاقات الاقتصادية والثقافية، التي يمكن أن تخدم كأساس متين للحوار السياسي. وتهدف تركيا إلى تكرار الزخم الإيجابي الذي حققته مع قطر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة في علاقاتها مع الكويت. والتعاون الدفاعي والاقتصادي هما الأداتان الرئيسيتان لتحقيق هذا الهدف.
لا يمكننا معرفة ما إذا كان مشروع الطريق التنموي، الذي أعلنت عنه تركيا والعراق وقطر والإمارات العربية المتحدة مؤخراً، قد نوقش خلال المفاوضات بين الزعيمين التركي والكويتي، لكنه بالتأكيد موضوع مهم للطرفين نظراً لأهمية كل منهما. الإهتمامات. ونظرا لتصريحات بعض النواب والمحللين الكويتيين، فإن الجانب الكويتي يشعر بالقلق إزاء الطريق التطويري الذي يهدف إلى ربط ميناء الفاو العراقي الكبير – المحاذي لميناء مبارك الكبير الكويتي – بالحدود التركية شمالا. ويمكن لتركيا أن تلعب دورا بناء في تخفيف الخلافات بين الكويت والعراق بشأن المشروع بفضل علاقاتها الجيدة مع الجانبين.
إن التزام تركيا والكويت المتبادل بتعميق علاقاتهما، والذي تم ترسيخه خلال زيارة هذا الأسبوع، يعكس رؤية مشتركة لمعالجة التحديات الإقليمية والاستفادة من الفرص لتحقيق منفعتهما المتبادلة. ومن الآن فصاعدا، يمكن للبلدين الاستفادة من تراثهما التاريخي المشترك لتعزيز تعاون أكبر في المجالات العملية والملموسة.
• سينم جنكيز محللة سياسية تركية متخصصة في علاقات تركيا مع الشرق الأوسط. عاشرا: @SinemCngz
إخلاء المسؤولية: الآراء التي عبر عنها المؤلفون في هذا القسم خاصة بهم ولا تعكس بالضرورة آراء عرب نيوز.