الرياض: وصلت الأصول الاحتياطية الرسمية للمملكة العربية السعودية إلى 1.76 تريليون روبية (469.83 مليار دولار) في أغسطس، وهو أعلى مستوى في 21 شهرًا وبزيادة 10٪ على أساس سنوي، حسبما أظهرت البيانات الأخيرة.
وتظهر الأرقام الصادرة عن البنك المركزي السعودي، المعروف بمؤسسة النقد العربي السعودي، أن هذه الحيازات تشمل الذهب النقدي وحقوق السحب الخاصة والمركز الاحتياطي لصندوق النقد الدولي واحتياطيات النقد الأجنبي.
وشكلت الأخيرة، التي تشمل النقد الأجنبي والودائع في الخارج بالإضافة إلى الاستثمارات في الأوراق المالية الأجنبية، ما نسبته 95 في المائة من الإجمالي بقيمة 1.67 تريليون ريال في أغسطس. وقادت هذه الفئة النمو بزيادة قدرها 10.62 في المائة خلال هذه الفترة.
كما أظهرت بيانات أغسطس أن حقوق السحب الخاصة، التي تمثل 5 في المائة من الإجمالي البالغ 79.35 مليار ريال، ارتفعت بنسبة 2 في المائة.
وحقوق السحب الخاصة، التي أنشأها صندوق النقد الدولي لتكملة الاحتياطيات الرسمية للدول الأعضاء، تستمد قيمتها من سلة من العملات الرئيسية، بما في ذلك الدولار الأمريكي واليورو واليوان الصيني والين الياباني والجنيه الإسترليني. ويمكن تبادلها بين الحكومات بعملات قابلة للاستخدام بحرية عند الحاجة.
توفر حقوق السحب الخاصة سيولة إضافية، وتعمل على استقرار أسعار الصرف، وتعمل كوحدة حسابية، وتسهل التجارة الدولية والاستقرار المالي.
وبلغ احتياطي صندوق النقد الدولي نحو 13 مليار ريال، لكنه انخفض بنسبة 9 في المائة خلال هذه الفترة. تمثل هذه الفئة المبلغ الذي يمكن لدولة ما أن تنسحب من صندوق النقد الدولي دون شروط.
وتعد احتياطيات المملكة العربية السعودية، التي تشمل احتياطيات العملات الأجنبية، من بين أعلى الاحتياطيات في العالم. وبحسب وكالة فيتش للتصنيفات الائتمانية، بلغ معدل تغطية الاحتياطي للمملكة 16.5 شهرًا من المدفوعات الخارجية الحالية في فبراير.
وتوضح هذه النسبة المرتفعة قدرة المملكة على الوفاء بالتزاماتها المالية الخارجية لفترة طويلة، مما يضمن بقاء البلاد صامدة في مواجهة التقلبات الاقتصادية العالمية.
ويعمل هذا أيضًا بمثابة حاجز مالي يسمح لها بالتعامل مع الضغوط الخارجية، مثل التقلبات في أسعار النفط أو التوترات الجيوسياسية أو التغيرات في ديناميكيات السوق العالمية.
كما أنها تلعب دورًا رئيسيًا في تعزيز ثقة المستثمرين في الاقتصاد السعودي، حيث تظهر قدرة الحكومة على الوفاء بالتزاماتها والحفاظ على الاستقرار الاقتصادي.
بالنسبة للمستثمرين الدوليين، فإن الجمع بين الاحتياطيات العالية والاقتصاد المتنوع والإدارة المالية القوية يجعل المملكة العربية السعودية وجهة استثمارية جذابة.
بالإضافة إلى قوتها المالية، تستفيد المملكة العربية السعودية من التصنيف العالي للحكومة والديون الذي يسمح للمملكة بالوصول بسهولة إلى أسواق رأس المال العالمية، وجمع الأموال من خلال إصدار السندات والصكوك بأسعار تنافسية.
وتضمن هذه المرونة المالية قدرة البلاد على الاستمرار في تمويل مشاريعها الطموحة لرؤية 2030، مثل نيوم ومشروع البحر الأحمر وتطوير المراكز الحضرية الجديدة، دون الإخلال باستقرارها الاقتصادي العام.
وتنخرط المملكة العربية السعودية في استراتيجية توسعية وتحويلية كجزء من رؤيتها 2030، والتي تهدف إلى تنويع اقتصاد البلاد وتحريرها من اعتمادها الكبير على عائدات النفط.
تعتبر قطاعات مثل السياحة والتكنولوجيا والبنية التحتية والطاقة المتجددة حاسمة بالنسبة للاستقرار الاقتصادي للمملكة على المدى الطويل وتتطلب استثمارات كبيرة لتحقيق أهداف الرؤية.
ونتيجة لذلك، زاد الإنفاق الحكومي بشكل كبير في السنوات الأخيرة وتشير التوقعات إلى احتمال حدوث عجز في الميزانية على المدى المتوسط مع استمرار ارتفاع الإنفاق.
وعلى الرغم من تحديات الإنفاق هذه، فإن المملكة العربية السعودية تتمتع بوضع مالي قوي. إن التصنيفات الإيجابية لحكومة المملكة وديونها، بالإضافة إلى احتياطيات النقد الأجنبي الكبيرة، تمكن البلاد من إدارة الإنفاق المتزايد والعجز المحتمل بشكل فعال.
وتتمتع المملكة العربية السعودية بمجال واسع لجمع الديون من خلال الأدوات المالية المختلفة، مثل السندات والصكوك، لتمويل مشاريعها التنموية واسعة النطاق دون مواجهة صعوبات مالية كبيرة.
وقد تم تعزيز هذه القدرة من خلال الإدارة المالية الحكيمة للحكومة، والتي تواصل التركيز على الحفاظ على الصحة الاقتصادية العامة للبلاد مع ضمان التمويل الكافي لمشاريع رؤية 2030.
وأكدت وزارة المالية، في تقريرها السابق لموازنة 2025، أن الحكومة تعتزم الاستفادة من ظروف السوق المواتية لتنفيذ أنشطة تمويلية بديلة من شأنها تحفيز النمو الاقتصادي.
ولا تقتصر الاستراتيجية وراء هذا النهج على توفير التمويل اللازم للمشاريع الرئيسية فحسب، بل تشمل أيضًا تنويع قنوات التمويل في المملكة.
ومن خلال القيام بذلك، تهدف الحكومة إلى الحفاظ على كفاءة السوق، وتعميق أسواقها المالية وجذب مستثمرين جدد، محليًا ودوليًا.
علاوة على ذلك، تهدف السياسة المالية للحكومة إلى تعزيز مركزها المالي من خلال الحفاظ على مستويات آمنة من الاحتياطيات الضرورية لحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية.