كشف باحثون أميركيون أن قطعة من صاروخ صيني اصطدم بسطح القمر في مارس/آذار 2022، كانت تحمل حمولة غير تقليدية أو سرية.
وحددت الدراسة، التي نشرت في مجلة Planetary Science Journal، هذا الحطام الفضائي باعتباره أحد مكونات المركبة الفضائية التجريبية Chang’e-5 T-1.
تم إطلاق الصاروخ في أكتوبر 2014 من مركز شيتشانغ لإطلاق الأقمار الصناعية في جنوب غرب الصين، وتركت المرحلة العليا للصاروخ حفرة مزدوجة مميزة على سطح القمر مما يشير إلى وجود حمولة إضافية لم يتم الكشف عنها، وفقًا للدراسة.
تانر كامبل، المؤلف الأول للدراسة وطالب الدكتوراه في جامعة أريزونا، يؤكد الشذوذ في سلوك الصاروخ. عادة، يتوقع المرء أن يظهر جسم الصاروخ بعض التذبذب بسبب بنيته غير المتماثلة.
ومع ذلك، تم وصف الحركة المتداعية المرصودة بأنها “من طرف إلى طرف” ومستقرة بشكل ملحوظ. وأوضح كامبل أن هذا الاستقرار يشير إلى وجود كتلة كبيرة على الطرف العلوي من معزز الصاروخ.
هذه الكتلة تقاوم المحركات الثقيلة الموجودة بالأسفل، والتي تزن حوالي 544 كجم (1200 رطل) بدون وقود. على الرغم من أن الأداتين المعروفتين الموجودتين على المعزز تزنان حوالي 27 كجم فقط، إلا أن الباحثين لاحظوا التماثل غير المعتاد للحفرة المزدوجة الناتجة.
ومن خلال المقارنة مع بعثات أبولو، التي وجهت عمدًا حطام الصواريخ نحو القمر لأغراض بحثية، أشار كامبل إلى أن مثل هذه البعثات أنتجت منخفضات مستديرة أو مستطيلة، ولم تنتج أبدًا حفرة مزدوجة متساوية الحجم.
أدرك كامبل عدم اليقين المتأصل في الحمولة الغامضة، مما أدى إلى سلسلة من التفسيرات المحتملة، بدءًا من هياكل الدعم الإضافية إلى الأجهزة الإضافية أو إدراج عناصر غير معروفة تمامًا.
ومع ذلك، فقد اعترف بأن اكتشاف الطبيعة الدقيقة لهذه الحمولة يمكن أن يظل لغزًا أبديًا.
تسلط هذه الاكتشافات الضوء على الديناميكيات المعقدة للحطام الفضائي وتفتح آفاقًا جديدة لكشف بقايا البعثات الفضائية المطبوعة على الأجرام السماوية. ويسلط التقرير الضوء أيضًا على أهمية المراقبة النشطة للأجهزة الفضائية القديمة.
المهمة الصينية Chang’e-5 T-1
تم إطلاق مهمة Chang’e-5 T-1، المصممة لتكون مقدمة لمهمة Chang’e-5 الأكبر لعام 2020 والتي نجحت في إعادة عينات القمر إلى الأرض، في عام 2014.
بعد خمسة أشهر من إطلاق هذه المهمة التحضيرية، حدد علماء الفلك في عام 2015 قطعة غير منسوبة من الحطام الفضائي تسمى WE0913A.
هذا الكائن السماوي، أولا مُكتَشَف من قبل علماء الفلك من مسح كاتالينا للسماء، دخل دائرة الضوء في يناير 2022 عندما توقع متتبع الحطام الفضائي الأمريكي بيل جراي اصطدامه بالجانب البعيد من القمر في غضون بضعة أشهر.
كان يُعتقد في البداية أنها المرحلة الثانية من صاروخ Falcon 9 من شركة SpaceX التابعة لشركة Elon Musk، إلا أن الملاحظات اللاحقة وتحليل البيانات المدارية أشارت إلى وجود صلة مع الصاروخ الصيني Chang’e 5-T1.
من ناحية أخرى، شككت السلطات الصينية في هذا الارتباط، وادعت أن الصاروخ تفكك في الغلاف الجوي للأرض منذ سنوات.
وفي الوقت نفسه، كشفت الصور التي التقطتها مركبة الاستطلاع القمرية المدارية (LRO) التابعة لناسا عن تطور غير متوقع في موقع التحطم: ليست حفرة واحدة بل حفرتين متراكبتين على فوهة هيرتزسبرونغ على الجانب البعيد من القمر.
وقد أثارت هذه الظاهرة الدهشة منذ أن اصطدم ما لا يقل عن 47 جسمًا صاروخيًا تابعًا لناسا بالقمر، وفقًا لجامعة ولاية أريزونا، لكن لم ينتج عن أي منها حفرة مزدوجة.
ناسا في يونيو 2022 معروف الطبيعة غير المتوقعة لهذه الحفرة المزدوجة، تفتح الطريق لزيادة الفضول. ولكشف الغموض المحيط بـ WE0913A، درس الباحثون سلوك طيرانه وخصائص الحفر التي خلفها وراءه.
ومن خلال الفحص الدقيق لكيفية انعكاس ضوء الشمس على الحطام أثناء سقوطه عبر الفضاء ومقارنة هذه الملاحظات بعمليات المحاكاة، وجد الباحثون تشابهًا ملحوظًا مع صاروخ Chang’e 5-T1.
وقال كامبل: “هذه هي المرة الأولى التي نرى فيها حفرة مزدوجة”. “نحن نعلم أنه في حالة Chang’e 5 T1، كان تأثيره مباشرًا تقريبًا نحو الأسفل، وللحصول على نفس الحجم تقريبًا، تحتاج إلى كتلتين متساويتين تقريبًا متباعدتين عن بعضهما البعض.”
في حين أن WE0913A يمثل أول حالة لاصطدام حطام فضائي غير مقصود بالقمر، إلا أن اصطدام الأقمار الصناعية بسطح القمر ليس أمرًا غير مسبوق.
في عام 2009، اصطدمت ناسا عمدًا بالقمر الصناعي لرصد واكتشاف الحفرة القمرية بسرعة 5600 ميل في الساعة (9000 كم/ساعة) في القطب الجنوبي للقمر.
أدى هذا التأثير المتعمد إلى إنشاء عمود سمح للعلماء باكتشاف التوقيعات الكيميائية التي تشير إلى وجود جليد الماء. بالإضافة إلى ذلك، وكجزء من طريقة التخلص منها، وجهت وكالة ناسا صواريخ ساتورن 5 التابعة لبرنامج أبولو نحو القمر.